Skip to Main Navigation
ملخص النتائج 2020/01/24

أساليب مسحية متطورة تدعم أول تقييم لأوضاع الفقر في الصومال خلال عقود

Image

تجاوزت سلسلة مبتكرة من المسوح عقبات كبيرة على صعيدي الأمن والتنفيذ، وأسفرت عن إجراء تحليل أكثر شمولا لرفاهة الصوماليين في عقود. وتقدم النتائج التي تكملها شهادات بالفيديو من مواطنين صوماليين بيانات يمكن للحكومة والشركاء الدوليين استخدامها لمواجهة آثار أجيال من الحرب الأهلية والتشظي السياسي والجفاف الشديد. ويجري تطبيق منهجية المسح حاليا في بلدان أخرى.

التحدي:

عانى الصومال، أحد أفقر بلدان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، من عقود من الحرب الأهلية والاضطراب السياسي.  هذا علاوة على أربعة مواسم متعاقبة من انخفاض معدل هطول الأمطار بين أبريل/نيسان 2016 وديسمبر/كانون الأول 2017 مما تسبب في حالات من الجفاف الشديد في أنحاء البلاد، وفاقم انعدام الأمن الغذائي الذي يهدد 6.2 مليون صومالي، أي ما يزيد عن ثلث عدد السكان.  وغادر ما يزيد عن مليون شخص منازلهم هربا من الصراع الدائر والعنف من جانب بعض الأطراف الفاعلة غير التابعة للدولة.

لكن بينما كانت مجموعات الإغاثة الدولية والعاملون في المجال الإنساني يعرفون مدى ضخامة الاحتياجات في الصومال، فإن حجم هذه الضخامة ظل مجهولا.  ونظرا لعدم إجراء تعداد على المستوى الوطني منذ عام 1987، فإن البيانات كانت في الأغلب غير متوفرة بشأن كل شىء من الأماكن التي يشتد فيها الفقر، إلى مظاهره، وإلى ما يمكن للصوماليين القيام به لتجاوز صدمات شديدة لسبل عيشهم، وقدرتهم على توفير الطعام لأبنائهم، وسلامتهم الشخصية.

ومما زاد الأمور تحديا، فإن الحكومة الصومالية كانت تحمل عبء دين هائل.  لكن لكي تطلب تخفيف أعباء الديون عبر الآليات المالية الدولية، فإنها كانت بحاجة لإحصاء للفقر يستند إلى بيانات واقعية.

وقال أوتز بيب، وهو خبير اقتصادي أول بقطاع الممارسات العالمية للفقر والمساواة التابع للبنك الدولي وقائد فريق مشروع مسح الصومال عالي الدقة "لم يكن هناك تقدير للفقر أو تعداد للسكان في الصومال منذ الإطاحة بالحكومة في 1991...

كانت هناك حالة من الغياب الكلي للبيانات منذ الثمانينات. وحتى من أجل طلب تخفيف أعباء الديون، فقد اضطروا لإعداد ورقة لاستراتيجية الحد من الفقر. هذا هو السبب في ذهابنا للعمل هناك والسبب وراء أننا ضغطنا من أجله حقا".

النهج

المسوح الأسرية، والتي يلقي فيها الباحثون سلسلة من الأسئلة التفصيلية ويسجلون ملاحظات على عينة ممثلة لجميع الأسر من السكان، هي أداة أساسية لوضع استراتيجيات الحد من الفقر. لكن في الصومال، تعين على خبراء الاقتصاد لدى البنك الدولي التوصل إلى وسيلة جديدة بالكامل لتنفيذ ذلك المسح من أجل التوصل إلى نتائج ذات مغزى.

وللتغلب على الافتقار إلى بيانات التعداد، والتي عادة ما تُستخدم لتصميم عينة إحصائية عشوائية للمسح، استفاد باحثو البنك الدولي من صور الأقمار الصناعية لتقسيم البلاد بأكملها إلى قطاعات سكانية متساوية نسبيا.

ولاحتساب أعداد كبيرة من السكان الرحل الذين لم تشملهم أي مسوح أسرية في السابق، ولضم أصوات الأشخاص النازحين، انتشر القائمون على المسح في مناطق من البلاد كان يعتقد أن من المتعذر الوصول إليها.

وللتغلب على المخاوف الأمنية التي جعلت من الصعب على القائمين بالمسح إلقاء أسئلة على الأسر لفترة زمنية طويلة، كان على الفريق العثور على سبل للدخول والخروج من كل منزل سريعا.  وفي المعتاد، يتحقق القائمون على المسح من قائمة شاملة تضم ما يصل إلى 600 بند في المنزل، ويجمعون معلومات بشأن حجم إنفاق الأسرة وما يستهلكه الجميع من الأرز إلى الدقيق والصابون.  وقد تستغرق عملية استكمال الاستبيان شديد التدقيق ساعات.

وفي الصومال، أعدّ الفريق منهجية جديدة سمحت لهم بإلقاء عدد محدود من الأسئلة على كل أسرة لكن مع الحفاظ على إمكانية جمع بيانات إحصائية مُجازة فيما يتراوح بين 45 و 60 دقيقة.

في نهاية المطاف، ومن أجل تقديم صورة حية لأصوات ووجوه الشعب الصومالي للحكومة والشركاء في مجال المساعدات الإنسانية والمجال الإنمائي، ووسائل الإعلام والأكاديميين، جمع فريق البنك الدولي شهادات بالفيديو من مجموعة واسعة من الصوماليين ونشرها مع التقرير.

وبدأ القائمون على المسح بمشروع تجريبي في العاصمة مقديشو لاختبار المنهجية الجديدة وضمان أنها ستتمخض عن بيانات ذات مصداقية.  ثم شرعوا في توسيع نطاق التغطية الجغرافية بوتيرة بطيئة، في البداية في ربيع 2016، وفي مرحلة ثانية من نوفمبر/تشرين الثاني 2017 إلى يناير/كانون الثاني 2018. وقد أطلق على هذه الجهود مسح الصومال عالي الدقة، وجرى تنفيذه بتعاون وثيق مع سلطات الإحصاء الصومالية.

وقال بيب "ما تدركه هو أن القيام به كان أمرا محفوفا بالمخاطر تماما ولم يكن باستطاعتنا حل ذلك باستخدام أساليب تقليدية...  العمل في البنك الدولي، يسمح لنا بالابتكار، والتوصل إلى منهجيات جديدة، نهج جديد".

 وأضاف بيب "أحد الأمور المهمة التي ينبغي أن نستطيع القيام بها هي مراقبة الفقر على نحو أكثر تواترا في الصومال وأماكن أخرى" . وواصل القول إنه في صميم هذه الجهود كانت القدرة على الابتكار.


Image
9 من بين 10 تقريبا

الأسر الصومالية تعاني من الحرمان في بعد واحد على الأقل: النقد أو الكهرباء أو التعليم أو المياه والصرف الصحي.


النتائج

جرى جمع النتائج وتحليلها واستخدامها في وضع تقريرين وصفيين شاملين للفقر في الصومال.  وخلص تقرير سمات الفقر في الصومال، الذي نُشر في 2017، وتقرير تقييم أوضاع الفقر ومواطن الضعف في الصومال، الذي صدر في أغسطس/آب 2019، إلى أن الفقر في البلاد منتشر على نطاق واسع وعميق، على الأخص في الريف وبين النازحين. وتشمل الاستنتاجات المستخلصة من قبل المجموعة ما يلي:

  • تعاني تقريبا تسع من بين كل عشر أسر صومالية من الحرمان في بعد واحد على الأقل: النقد أو الكهرباء أو التعليم أو المياه والصرف الصحي.  وتعاني نحو سبع من بين كل عشر أسر في بعدين أو أكثر.  ويعاني السكان الرحل بالقدر الأكبر، بينما يشهد سكان المدن الحد الأدنى من الحرمان. 
  • لدى نصف الأسر فحسب القدرة على استخدام خدمات محسنة للصرف الصحي والكهرباء، ولدى ثماني من بين كل عشر أسر القدرة على الوصول إلى مصادر محسنة للمياه. ولدى خمس من بين كل عشر أسر كهرباء.  
  • تقول نحو 66% من الأسر الصومالية إنها تعرضت لنوع واحد من الصدمات على الأقل على مدى الاثني عشر شهرا الفائتة، معظمها مرتبط بالمناخ.  
  • يعيش جزء كبير من السكان، نحو 10%، فوق خط الفقر بقليل وهم عرضة لخطر الانزلاق إلى دائرة الفقر.  
  • يمثل الأطفال الأصغر من سن الرابعة عشر نحو نصف الصوماليين، و73% منهم فقراء.  ويعيش معظمهم على بعد مسيرة تبلغ 30 دقيقة من أقرب مدرسة، ومعظمهم بدأوا الانتظام بالمدارس في وقت متأخر من حياتهم.  ويطالب الوالدان أبناءهم الصغار بالعمل أو المساعدة في المنزل.  وفي الحقيقة، فإن 33% فقط من الأطفال في الصومال يرتادون المدارس، ومعظمهم في المدن. 
  • شهد عدد النازحين داخليا والذين لا مكان لديهم ليذهبوا إليه ارتفاعا واستقر أولئك الأشخاص على أراض عامة وخاصة داخل أو بالقرب من المدن. والكثيرون منهم عرضة للطرد.  وأجبر ما يزيد عن 109 آلاف من النازحين داخليا الذين يعيشون في أحياء عشوائية في أنحاء البلاد على إخلائها في الفترة بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2017 وحدها، و77% منهم قرب مقديشو.

وقالت ويندي كارامبا الخبيرة الاقتصادية المعنية بالصومال لدى قطاع الممارسات العالمية للفقر والمساواة لدى البنك الدولي ورئيس الفريق المشارك لتقييم أوضاع الفقر "هذا حقا أول تقييم (لأوضاع) الفقر في الصومال نستطيع أن نفخر به...   إن القدرة على إنتاج مثل تلك المجموعة الغنية من المعلومات والتي تسلط الضوء على بعض التحديات التي يشهدها الصوماليون تسمح لنا بمنح القدرة على التعبير لمن لا تسلط عليهم الأضواء في العادة ويفتقرون إلى القدرة على التعبير.  كما أن ذلك يضع قضاياهم في طليعة اهتمام السياسات.  وهذا أمر حيوي لعملية مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون".

والحد من الفقر هو الهدف الشامل لخطة التنمية الوطنية الصومالية التاسعة لحكومة الصومال الاتحادية، وهي مسألة ذات مغزى خاص لعملية تخفيف أعباء الدين عبر مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.  وبالإضافة إلى تلقي المعلومات عبر مشاورات وطنية وإقليمية أجرتها الحكومة الاتحادية الصومالية، فإن تحليلات الفقر في الخطة الوطنية التاسعة للتنمية للفترة 2020-2024 تلقت أيضا معلومات من بيانات وتحليلات كمية من الموجة الثانية لمسح الصومال عالي الدقة وتقييم أوضاع الفقر ومواطن الضعف بالصومال على الترتيب.

مساهمة مجموعة البنك

تلقت المسوح التمويل من الصندوق الاستئماني الصومالي للمعارف من أجل النتائج التابع للصندوق متعدد الشركاء، مع مساهمات إضافية من قطاع الممارسات العالمية للبيئة والموارد الطبيعية لزيادة تمثيل المناطق الساحلية ومن وحدة إدارة دولة الصومال لزيادة تمثيل المجتمعات المستضيفة للنازحين داخليا. وتضم البلدان التي تسهم في الصندوق متعدد الشركاء الاتحاد الأوروبي وألمانيا والمملكة المتحدة والسويد والنرويج والدانمرك وسويسرا وفنلندا والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وإيطاليا.  

الشركاء

جمع البنك الدولي المسوح بمساعدة مديرية الإحصاءات الوطنية، ووزارة التخطيط والاستثمار والتنمية الاقتصادية للحكومة الاتحادية الصومالية.

المُضي قُدُماً

يستهدف تقييم أوضاع الفقر ومواطن الضعف في الصومال المساهمة في تحسين الفهم لأوضاع الفقر وكسب العيش ومواطن الضعف في الصومال، وهي مسائل أساسية لوضع البلاد على مسار تنمية مستدامة ومساعدة الحكومة في طلب مساعدة دولية.

وأتيحت منهجية المسح السريع التي تم وضعها خلال هذه العملية للباحثين حول العالم ممن يجمعون معلومات عن الأسر في مناطق ترتفع فيها المخاطر.  وستكون الرحلة التي قادت إلى تطويرها جزءا من فصل بكتاب ويجري تقديمها إلى مجلات دورية مُحكّمة.   

وبالنظر مستقبلا، يجري التخطيط لإجراء المزيد من المسوح الأسرية.  كما يعمل خبراء الاقتصاد لدى البنك الدولي مع الحكومة الصومالية لمساعدتها على إنتاج بيانات من أجل تقدير شامل للناتج المحلي الإجمالي، لا يعتمد فقط على تقديرات مستندة إلى الإنفاق، ولكن أيضا على تقديرات تستند إلى الإنتاج.

وقالت كارامبا "البنك الدولي ملتزم بالاستمرار في التعاون مع سلطات الإحصاء الصومالية لمواصلة تعزيز البنية والنظام الإحصائية لإنتاج معلومات إحصائية مطلوبة لوضع سياسات تستند إلى الشواهد.

المستفيدون

"لقد مررنا بفترة طويلة من الجفاف. وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد الكثير من الأمطار هنا، خزان المياه لدينا فارغ" كانت هذه كلمات أحد النازحين داخليا.  "أنا عائل الأسرة، نجونا من خلال بيع رأس من الماعز المتبقية.  المعز الواحد يمكن أن يكلف 30 دولارا لكننا لم نبع أي منها لمدة عامين الآن"